Sunday, January 27, 2008

غزة يا إلاهي


غزة في الظلام
تضامنوا

Sunday, January 6, 2008

الفلاح الفصيح

قصة الفلاح الفصيح ..
اول مصرى وقف امام الظلم طالبا للعدل ..
اللى قدم تسع شكاوى للملك امتازت بالفصاحة .. تسع شكاوى من انسان بسيط التاريخ مش ممكن ينساهم .. موجودين فى المتحف المصرى القصة بتقول
أن فلاحاً من أهالي إقليم "الفيوم" الواقعة فى الصحراء الغربية كان يقطن فى قرية تسمي (حقل الملح) ، وجد أن مخزن غلال أسرته أشرف على النفاد ، فحمل قطيعاً صغيراً من الحمير بحاصلات قريته وسار به نحو مدينة "أهناسيه" الواقعة بالقرب من مدخل "الفيوم" ، يريد أن يستبدل بحاصلاته غلالاً . وكانت الحالة تحتم عليه المرور من طريق به منزل رجل يدعي "تحوتي ناخت" ، وهو موظف صغير من موظفى "رنزى" الذي كان إذ ذاك من الأشراف وكان يحمل لقب "المدير العظيم لبيت الفرعون" وفى أثناء السير التقم أحد الحمير بضع سيقان من جذور قمح "تحوتى ناخت" فتهيأت بذلك فى الحال الفرصة المدبرة التي تمناها "تحوتي ناخت" الماكر الذي كان يترقب ذلك عن كثب . وفى هذه اللحظة تقدم الفلاح إليه قائلاً : "أتغتصب حميري لأن واحداً منها التقم ملء فيه من سيقان قمحك ؟ إني أعرف رب هذه الضيعة ، فهي ملك مدير البيت العظيم "رنزي بن مر" ، وأعرف أنه هو الذي يقضي على كل سارق فى أنحاء هذه البلاد ، فهل أسرق فى ضيعته؟" فما كان من "تحوتي ناخت" إلا أن أمسك بغصن وأخذ يضرب الفلاح بدون رحمة ولامبالاة بصياح الفلاح واحتجاجاته المتكررة ، وأخذ كل الحمير إلى منزله فصمم الفلاح على رفع شكواه إلى
"مدير البيت العظيم"
.. الذي حدث فى ضيعته ذلك الاعتداء الصارخ .. وفى تلك الأثناء كان "مدير البيت العظيم" يجلس شبه حالم فى صمت . فتقدم إليه الفلاح خطوة وخاطبه بفصاحة مدهشة
قائلاً له : "لأنك والد اليتيم وزوج الأرملة وأخ لمن هجره الأهلون وستر من لا أم له . دعني أضع اسمك فى هذه الأرض فوق كل قانون عادل . يا أيها القائد الذي لا يشوبه طمع . ويا أيها الرجل العظيم الذي يتجنب الصغائر ، ويحطم الظلم ويثبت الحق ، أجب إلىَّ الصيحة التي ينطق بها فمي ، فإذا تكلمت فعليك أن تسمع ، أقم العدل أنت يا من قد مدحت ويا من يمتدحه الممدوحون ، اكشف عني الضُر، أنظر إلىَّ فإني أحمل أثقالاً فوق أثقال . حقق أمري . أنظر فإني فى حيرة .
وقد شعر "مدير البيت العظيم" بسرور عظيم من لباقة الفلاح الخارقة للعادة ، البادية فى حسن منطقه وفصاحة لسانه ، حتى أنه تركه دون أن يقطع فى قضيته برأي ، وذهب على الفور إلى البلاط ، حيث قال للملك : "يا مولاي لقد عثرت على أحد الفلاحين يحسن القول بحق" . فسُر الملك سروراً عظيماً ، وكلف "مدير البيت العظيم" أن يصحب الفلاح معه دون أن يقطع فى قضيته برأي رغبة فى أن يرتجل له الفلاح خطباً أخرى أيضاً . وكذلك أمر الملك بتدوين أقواله بدقة وأن يُقدم له الطعام وكل ما يلزمه، وأن يرسل خادم إلى قريته "أهناسيه" ليتحقق من أن أسرته ليست فى حاجة إلى شئ خلال تلك الفترة التي يقضيها عند الملك . وقد نتج عن تلك الإجراءات أن أخذ الفلاح يلقي على أسماع "رنزي" ما لا يقل عن تسع شكايات يتألف منها جميعا ذلك المقال الاجتماعي .. ويبتدئ خطابه الثاني بالتقريع ، فيقاطعه "رنزي" فى ذلك بالتهديد ، فلا يثني ذلك من عزم الفلاح ويواصل تقريعه . أما خطابه الثالث فيعود فيه إلى مدائح كالتي كان ذكرها فى أول شكاياته "الى رنزي" فتراه
يقول :"يا أيها المدير العظيم للبيت الملكي ، مولاي ، إنك "رع" رب السماء مع حاشيتك ، إن أقوات بني الإنسان منك لأنك كالفيضان ، وأنت إله النيل الذي يخلق المراعي الخضراء ويمد الأراضي القاحلة . ضيق الخناق على السرادق ، واحم التعس ، ولا تكونن كالسيل ضد الشاكي . إحذر ، فإن الأبدية تقترب . وأفضل أن تعمل حسب المثل القائل (إن نفس الأنف إقامة العدل أو الحق (ماعت) " . ونفذ العقاب فى من يستحق العقاب ، وليس هناك شئ يعادل استقامتك . هل يخطئ الميزان ؟ وهل تميل عارضة الميزان إلى أحد الجانبين ؟... لا تنطقن كذباً لأنك عظيم (وأنت بذلك مسئول) . لا تكن خفيفاً لأنك ذو وزن . ولا تتكلمن بهتاناً لأنك الموازين , ولا تحيدن لأنك الاستقامة . أفهم إنك والموازين سيان، فإذا مالت فإنك تميل (كذباً) . ولسانك هو المؤشر العمودي للميزان ، وقلبك هو المثقال وشفتاك هما ذراعاه". وواجهه بخطبة رابعة ،
ثم تلاها بخطبة خامسة . وبالرغم من أن هذه كانت أقصر خطبه كلها فإنها ألذعها فى الاتهام،
إذ يقول : " لقد نُصبّتَ لتسمع الشكاوى ، وتفصل بين المتخاصمين وتضرب على يد السارق ، ولكنك تتحالف مع السارق . والناس تحبك رغم أنك معتد . ولقد نُصبّتَ لتكون سداً للرجل الفقير يحميه من الغرق ، ولكن أنظر فإنك أنت فيضانه الجارف" . كل هذا و"رنزى" كان لا يزال ملازماً للصمت . فيبتدئ الفلاح خطابه السادس فيقول له : "يا مدير البيت العظيم .. إقض على الظلم وأقم العدل وقدم كل ما هو خير وامح كل شئ ، حتى تكون كالشَبَع الذي يقضي على الجوع ، أو كاللباس الذي يخفى العرىّ ، أو كالسماء الصافية بعد سكون العاصفة الشديدة ، أو كالنار التي تطهو الطعام ، أو كالماء الذي يطفئ الغلة" .
ولما استمر "رنزي" لا يحير جواباً أيضاً على ذلك الاستعطاف اهتاج الفلاح الشقي وعاد إلى نغمة القدح من جديد ، فأخذ يقول له : " إنك متعلم ، إنك مهذب .. لقد تعلمت ولكن لا لتكون سارقاً . إنك متعود لأن تفعل ما يفعله كل الناس ، وأنت يا من تمثل الاستقامة بين كل الناس قد صرت على رأس البغاة فى كل البلاد. إن البستاني الذي يزرع الشر ، يروي حقله بالعسف ليثمر زرعه البهتان ، وبذلك تغمر الضيعة بالشر" . وبدأ الفلاح خطبته السابعة بالمديح المعتاد ، فنراه يصف "مدير البيت العظيم" بأنه "الربان الذي توجه بأمره سفينة كل البلاد" . ثم يرجع فجأة إلى وصف حالته التعسة ، فيقول : "إن جوفى مفعم ، وقلبي مثقل ، وإن فى السد لكسر يتدفق منه الماء ، ولهذا فإن فمي مفتوح ليتكلم" .. لا يوجد فرد صامت لا تحفزه حالتك إلى الكلام ، ولا من نائم لا تجعله حالتك يستيقظ من رقدته ، ولا من إنسان مكتئب إلا جعلته يثور، ولا من فم ارتج عليه إلا افترت شفتاه ، ولا من جاهل إلا صيَّرته حالتك حكيماً ، ولا من غبي إلا جعلته حالتك يتعلم " . ولما لم يكن فى مقدور ذلك الفلاح أن يكبح جماح غضبه ، فإنه أخذ يلقي خطبته الثامنة . واستمر فى قدحه فيقول : "إن قلبك جشع ، وذلك لا يليق بك ، إنك تسرق ، وذلك لا ينفعك ... إن الموظفين الذين نُصبوا لدرء الظلم هم مأوي لمطلقي العنان ، وحتى الموظفين الذين أُقيموا لمنع الظلم أصبحوا أنفسهم ظالمين" . ويعود الفلاح من جديد إلي المطالبة بها فى أعظم عبارات فاه بها فى ذلك المقال العظيم ، إذ يقول : "أقم العدل لرب العدل وهو الذي أصبح عدله حقاً . أنت يا من تمثل القلم والقرطاس واللوح، بل تمثل "تحوت" لأنك بعيد عن عمل السوء . علي أن العدل عندما يكون قائما يكون حقيقة عدلا ، لأن العدالة (يعني ما عت) أبدية ، فهي تنزل مع من يقيمها إلى القبر عندما يودع فى تابوته ويثوى علي الأديم ، واسمه لا يُمحى من الأرض بل يذكر بسبب عدله . وهكذا تكون استقامة كلمة الله" . ولما لم يفه "رنزي" بجواب على هذه الكلمات السامية ، رفع الفلاح صوته عالياً مرة أخرى ، وألقي مرافعته النهائية اليائسة وهي خطبته التاسعة ، التي يذكر فيها "مدير البيت العظيم" بخطر الانضمام إلى جانب الغش ، لأن من يأتي فعلا كهذا "لا يُرزق أولاداً ولا يجد من يرثه على الأرض ، ومن يقلع فى سفينته (الغش) فلن يرسو على الأرض ولن تربط مراسي سفينته فى الميناء .. ومن لا يكترث لا أمن له ، ولا صديق لمن يصم أذنه عن الحق ، والجشِع لا يحظي بيوم سعيد .. انظر فإني أبث شكواى إليك ولكنك لا تنصت ، فسأذهب إذن وأبث شكايتي منك إلي "آنوب" .. ولما كان "أنوب" هو إله الموتى فإن الفلاح كان يقصد من ذهابه إليه أنه سينتحر . وعندئذ يرسل "مدير البيت العظيم" خادمة ليجئ بالفلاح ثانية بعد أن هم بالرحيل . وعند ذاك يتبادلان سوياً بعض العبارات المبهمة المعنى . على أن "رنزي" كان فى خلال ذلك الوقت قد دون فى بردية جديدة كل شكايات الفلاح بحسب ترتيبها، وحملها إلى الملك فسُر بها كثيراً ووصفها بأنها أحَب إلى قلبه من أى شئ فى كل البلاد . ثم أمر الملك "مدير البيت العظيم" أن يفصل فى قضية الفلاح ، بعقاب الظالم (تحوتي ناخت) وإعادة كل الممتلكات المغتصبة إلى الفلاح الفصيح
Powered By Blogger